الأثر الانسحابي لرحيل الاستشاري
- سُلاف المقوشي
- 7 سبتمبر 2024
- 2 دقيقة قراءة
بعد أشهر من العمل مع الاستشاري الذي كان، بالنسبة للمنظمة، كالهواء الذي تتنفسه، انتهى المشروع، وبدأ الاستشاري في حزم حقائبه، واكتشفت المنظمة أنها ستواجه الآن "الأثر الانسحابي". نعم، تماماً كمدمن يتخبط في طريقه بعد الفطام القسري، تتأرجح المنظمة وهي تحاول التكيف مع الواقع الجديد: واقع عدم وجود استشاري يوجّه، يقرر، ويحل المشاكل بكبسة زر.
المأزق الأول: "أين ذهبت الكفاءة؟"
يبدأ هذا المأزق في صباح أحد الأيام، عندما يجتمع الفريق لمناقشة ما تبقى من العمل. ستجد الجميع يتبادل النظرات الحائرة، وكأنهم يتساءلون، "أين ذهبت الكفاءة التي كانت هنا؟" الحقيقة أنهم تعودوا على وجود شخص يعرف كل الإجابات، شخص كان بإمكانه قراءة المستقبل بوضوح (على الأقل المستقبل الذي يتعلق بالمشروع)، ولكن الآن رحل هذا الشخص، وتُركت المنظمة وحدها، تواجه هذا الفراغ الهائل من المعرفة والخبرة. والواقع أن الفريق الداخلي الآن في حالة إنكار تام، يحاولون إعادة تشغيل العقل الجماعي ولكن دون فائدة. الأمر يشبه أن تحاول بدء سيارة قديمة دون بطارية؛ تعرف أنك لن تصل إلى أي مكان.
المأزق الثاني: "التدريب على الأنظمة؟ ماذا تعني بذلك؟"
في هذا المأزق، يدرك الفريق ببطء أن الاستشاري لم يكن فقط حاملًا للمعرفة، بل كان أيضًا الحافظ الوحيد لكلمات المرور السرية، والتوجيهات الخاصة، والطريقة التي يجب أن تسير بها الأمور. هنا، تبدأ متلازمة الانسحاب في الظهور بوضوح. الآن يجب على المنظمة أن تتعامل مع الأنظمة الجديدة التي تركها الاستشاري، وهي أنظمة تبدو وكأنها صُممت خصيصًا لتعذيب من يحاول التعامل معها دون مساعدة خارجية. كل محاولات التدريب التي قام بها الاستشاري تبدو الآن وكأنها سراب؛ فكل موظف يشعر أنه قد نُسي في وادٍ بعيد دون خارطة أو دليل. الكل يتساءل: "هل كان يجب أن نطلب من الاستشاري دورة مكثفة في فهم رموز التشفير هذه؟"
المأزق الثالث: "الاجتماع المستمر
"
ما إن يرحل الاستشاري، حتى يبدأ سيناريو الاجتماع الدائم. لا يمكن للمنظمة أن تقرر، لا يمكنها التحرك، ولا يمكنها حتى التنفس دون اجتماع آخر. تبدأ الاجتماعات من جديد، هذه المرة لتحليل وتقييم وتقدير ما الذي يجب فعله الآن. وما يميز هذه الاجتماعات هو أنها خالية من أي قرار حقيقي؛ فقط تدوير للموضوعات السابقة التي كان الاستشاري يديرها بكفاءة. تبدأ الأمور في التدهور، والوقت يُهدر في النقاش حول النقاش.
أخيرًا ، التأقلم بعد رحيل الاستشاري هو كرحلة الانسحاب من إدمان؛ لا يحدث بين عشية وضحاها، والآثار قد تستمر لفترة طويلة. الحل يكمن في الاعتراف بأن هناك مشكلة، والبدء في العمل الجاد على بناء الكفاءات الداخلية، وعدم الاعتماد المطلق على الحلول الخارجية والتفكير بجدية ، بالاستدامة الادارية.
Comments