توقيت غرينتش للمدير: انتظر سنوات ليظهر الإنجاز
- سُلاف المقوشي

- 5 نوفمبر
- 2 دقيقة قراءة

في بداية الحياة المهنية، يشعر الموظف الجديد بأن الزمن يتحرك بسرعة. يدخل الصباح إلى العمل، يؤدي مجموعة من المهام، يتعلّم شيئًا جديدًا، ينجز تقريرًا، يشارك في اجتماع، وربما يحصل على مديح من مديره. بنهاية اليوم، يشعر بأنه "أنجز شيئًا". الزمن لديه يقاس بالمهام اليومية، وبالنتائج المباشرة. كل يوم يحمل تقدمًا ملموسًا.
لكن مع الوقت، يتغير الإيقاع. عندما يصبح الشخص مديرًا أو يشغل موقعًا قياديًا، يتبدّل مفهوم الإنجاز والزمن. المهام اليومية لا تختفي، لكنها لم تعد هي "المنجز". يصبح الإنجاز مرتبطًا برؤية بعيدة، بتغيير منظومة، ببناء فريق، أو بحل مشكلة جذرية. هذه الإنجازات لا تُقاس بالأيام، بل أحيانًا بالشهور أو حتى بالسنوات. بل كثير من هذه الإنجازات لا تظهر للعيان فورًا، أو قد لا يُلاحظها أحد سوى صاحبها.
هذا التحوّل في العلاقة مع الزمن قد يصيب بعض القادة بالإحباط. يتساءل المدير أحيانًا: "ماذا أنجزت هذا الأسبوع؟" ويجد صعوبة في الإجابة، لأنه لم يكتب تقريرًا، أو يرسل عشرات الإيميلات، أو ينجز مهمة قصيرة المدى. لكنه نسي أن جل وقته ذهب في التفكير، والتخطيط، والتوجيه، وإزالة العقبات أمام الآخرين.
المشكلة ليست في قلة الإنجاز، بل في تغيّر طبيعته. المدير لم يتوقف عن الإنجاز، بل تحوّلت إنجازاته من "سريعة ومباشرة" إلى "عميقة وبعيدة المدى". هذا الفرق يجب أن يُدرك ويُعترف به.
الوعي بهذا التغيير مهم جدًا لتجنّب الإحباط. الموظف في بداية حياته يلمس التقدم يومًا بيوم، أما المدير فيجب أن يكون صبورًا، وأن يتعلّم قياس النجاح بمقاييس جديدة. عليه أن يرى الأثر لا فقط في الأرقام، بل في نمو الفريق، في القرارات الصائبة، وفي تحسّن الثقافة التنظيمية.
الزمن يتغير مع المسؤولية. الموظف يقيس وقته بالساعات والمهام، والمدير يقيسه بالتأثير والاستدامة. من يفهم هذا التحوّل، يخفف عن نفسه ضغط الإنجاز اليومي، ويبدأ في احتضان دورٍ جديد يحتاج إلى صبر ورؤية طويلة المدى.



تعليقات